برستيج ثقافي

 
إن من أبرز الإصابات التي مُنيت بها هذه الأمة في وقت مبكر من تاريخها، الإصابات الفكرية
أو الثقافية التي تراكمت آثارها حتى جعلت منها أزمة أربكت العقل المسلم وشلّت فعاليته واستدرجته 
إلى درجات الحيرة والاضطراب والقلق الثقافي .ولكننا في الآونة الأخيرة نشهد انفجار جيلاً يحمل 
همَّ إقرأ لإعادة إحياء ما اغتيل في نفوسنا وما تعرضت له من تحقير وتهميش فبدأنا نُدرك أخيراً 
عِظِم الكارثة التي وصلت إليها نفوسنا . 

  ولا بد من سؤال هنا هل نحن حقاً مخلصين نيتنا لهذه الأمة ؟!
إن ما نراه اليوم من سطحية مفجعة تُرمى على كاهل أمتنا ما هي إلا مظهراً جديداً من مظاهر 
الأزمة الثقافية فأن تقرأ كتابا أو عشرة  أو تهتم بالروايات  والكتابات الشعرية و تشاهد 
البرامج الهادفة أو تكدس مكتبتك بالكتب هذا لا يعني بالضرورة أنك مثقف !!
فما نفعله ما هو إلا تغليف أنفسنا بأوهام كي نرضي بذلك " الأنا " في حين ذواتنا 
ما زالت مكدسة بالجهل فطبيعة النفس البشرية أنها تسعى دائماً للتميز وتلهث 
وراء الألقاب لتسمين ذواتها فها نحن منشغلين بجشع النفس في حين تقف الثقافة حائرة 
تنتظر من ينقذها ويحيها من جديد .

 

فما أحوجنا إلى إعادة صياغة مفهوم الثقافة وبيان خصائصها ومميزاتها والهدف من ترسيخها 
فالثقافة هي وسيلة نسمو بها بأمة قد دفنت بالجهل ورفعت أيديها أمام أفكار العدو لتسد 
بذلك الخواء الفكري والمعرفي  وكذلك وجود خطة منهجية لصناعة المثقف وتوضيح وظيفته 
وصفاته ضرورة في ظل هذا التخبط الثقافي. 

 

كلـما أدبني الدهـر               أراني نقص عقلي    
وإذا ما أزددت علما             زادني علما بجهلي      

ها هو الشافعي – رحمه الله – يجسد مفهوم المثقف الحقيقي فهو الذي يحمل همَّ أمته 
ويجاهد نفسه وينقيها من الأهواء والمطامع الشخصية ويربيها بالصدق مع الله ومع النفس 
ومع الأخرين ويتقي الله في أمته التي كاد الحمل يكسر ظهرها .



                       فالثقافة ليست للتفاخر ، ولا في أن يقال عنك مثقف أو نابغة العبرة فعلاً بمقدار تحملك 
                        مسؤولية علمك وتطبيقك له .
                        العلم أحياناً قد يكون حجة عليك ليس لك!  فكلما ازددت علماً ازددت مسؤوليةً أمام الله .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

متلازمة البشر

استسلام

وقفة